خطابات غزواني .. وأفعال معاونيه / الهيبه ولد الشيخ سيداتي ( رأي)

أحد, 09/11/2025 - 17:48

 

في أحد البرامج التلفزيونية مساء الجمعة قلت إن زيارة الرئيس للنعمة زيارة سياسية بخطاب تقني موغل في سرد الأرقام والتفاصيل الفنية للمشاريع. 
 من الناحية الإعلامية، لا يمكن أن تحظى زيارة الرئيس بمتابعة إعلامية في المستوى ما دام حديثه محصورا في تفاصيل مثل عدد الفصول في هذه المقاطعة وعدد الآبار في تلك، رغم أهمية ذلك للساكنة التي يتحدث إليها.  

يبدو أن الرئيس غزواني اختار لزيارته أن تبدأ تقنية حتى يقدم إنجازاته دون أن تزاحمها وتسرق منها الأضواء قضايا قد تهم الرأي العام  الوطني أكثر مما تهم سكان الولاية. 

البارحة في أنبيكت أحواش عاصمة أعماق الأعماق خصص غزواني جزء معتبرا من كلمته للحديث عن مخاطر القبلية والجهوية وشرح معنى الانتماء الوطني وضرورة التسامي على الانتماءات الجزئية، محذرا موظفي الدولة من حضور أي اجتماعات ذات طابع قبلي أو جهوي، ومخاطبا السكان المحليين بما يفهمون عن محاذير النزاعات القبلية حول السدود والآبار.  

اللافت في الخطاب أنه جاء في ذروة حشد قبلي غير مسبوق في البلد وتجييش للقبائل بقيادة الوزراء والأطر والمسؤولين، فقد غابت عن حشود جميع الوزراء والحديث أمامهم أسماء مدنية للأحلاف، كما في بعض الولايات الأخرى، وغابت أسماء المدن والقرى، وظهر الوزراء في طليعة تجمعات قبلية سافرة.. هذه حشود قبيلة كذا بقيادة الوزير أو الإطار فلان أو علان في تنافر واضح بين الصفتين وزير/وقبيلة.
 
المحرج أن غزواني يعلم قبل غيره أن هذه الحشود لم تنتظم حول خطاب سياسي ولم تلتق حول مشروع إصلاح، بل إن الأسلوب الوحيد الذي يستخدمه من يسمون بالأطر والوجهاء  لجمع الناس حولهم هو التحشيد القبلي واستدعاء أمجاد القبائل أو مظالمها في هذه المقاطعة أو الولاية أو تلك، من أجل إحياء العصبيات المنافية لكل القيم الحديثة. 

الإشكال أن خطاب غزواني البارحة جاء والمحيطون به جميعهم في حشود قبلية هادرة، تتباهى بالصوت والصورة بأمجاد القبائل،  وتتغنى بفضائل نجومها وممثليها. فهل ستخفي أو تتراجع هذه المظاهر في بقية محطات الولاية الست أم أن أثر هذا لن يتجاوز وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي. 

بيان الحزب الحاكم وما تضمنه من محاولة تخفيف شحنة الخطاب وصرف دلالة كلماته الصريحة إلى وجهة مختلفة تماما، كما فعل الحزب بعد الإجراءات التي أعقبت محكمة الحسابات حين قامت قائمة قياداته وشككت في الأرقام وأكدت أن الأمر خطوة بسيطة فتوقفت الحرب على الفساد، على الأقل فيما يظهر من المواقف السياسية والخطاب الإعلامي. 

لقد كان خطاب غرواني الجديد شبيها بخطابه في وادان، وإن كان من إضافة فهي ما أشفع به خطابه البارحة من الحديث عن طريقة في العمل القائمة على الصبر والتدرج بشرط أن لا تعود الأمور والعقليات للوراء. وقد رأى بأم عينيه كيف عادت الحشود القبلية وعاد الإعلام للتفاخر بها، بل رأى تصدر الوزراء والأطر الترويج والحديث عن أمجاد القبائل وتسجيل المصورة بكل وضوح في قلب وصدارة حشود ليس لها من خطاب سوى خطاب القبيلة التي ينتمي إليها الوزير صاحب الصفة الوطنية. 

تحتاج خطابات غزواني لتعليق صبره دقائق من أجل تنفيذ جزء منها، ويحتاج المخالفون الذين خرجوا من خطابه البارحة يوجّهون بغير قصده ويعطونه معاني غير تلك التي تضمنها أن يعاقبوا على تحريف مقاصد الرئيس وابتذال مواقفه.
وإلا فإن خطاباته رغم قيمتها ستصبح محل شك فالقائد لا يكتفي بالنقد، بل يباشر  التغيير فورا.

تصفح أيضا...