"صندوق سكن المدرسين" يثير "خلافاً فقهيا" في موريتانيا (فتاوى)

اثنين, 17/11/2025 - 22:29

أثار "صندوق سكن المدرسين" خلافا فقهيا في موريتانيا، بين من يقول من بجواز المشاركة فيه، وبين من يقول بعكس ذلك.

 

وحسب مايفهم من المقرر المنشئ للصندوق، فإن استفادة المدرس منه مشروطة بدفعه نسبة 25% - من أصل المبلغ الذي يبلغ 7 مليون أوقية قديمة، على مدى 15 سنة، - على شكل خصم شهري من الراتب قدره 9000 أوقوية قديمة شهرياً، على أن تتحمل الدولة باقي المبلغ.

 

فتاوى الجواز

وأفتى الشيخ محمد الحسن ولد الددو المدرسين بجواز المشاركة في الصندوق، وذلك في مقطع صوتي متداول على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

وأوضح ولد الددو أن صيغة الصندوق “جائزة ولا إشكال فيها”، حيث إن الدولة لا تأخذ من المدرس شيئاً، بل تخصم من راتبه مقابل خدمة تمنحه فرصة الحصول على سكن.

 

وأضاف أن اشتراط مساهمة شهرية من الموظف مقابل دعم كبير من الدولة “لا حرج فيه”، وأن السكن حق أصيل للموظف العمومي، داعياً المدرسين إلى الاستفادة منه باعتباره الآلية المتاحة للحصول على سكن ملائم.

 

وعلى هذا النحو نحا وزير الشؤون الاسلامية السابق الداه ولد اعمر طالب، قائلا إن صيغة الصندوق لاتنطبق عليه قاعدة "سلف جرّ نفعاً" الممنوعة شرعا.

 

وفي ذات الاتجاه اعتبر عضو مجلس الفتوى والمظالم د. ابراهيم الكلي أن لا مجال للحديث عن الغرر أو الجهالة؛ في قضية الصندوق.

 

وأضاف معللا قوله بعدم وجود ارتباط بين المبلغ الذي يدفعه المدرس وبين الذي يحصل عليه؛ مشيرا إلى أن الصندوق "مساعدة للموظّف من باب التعاون والإسعاف وليست من باب المعاوضات"، فالذي يُقتطَع من المدرّس ليس إلا إسهاما منه في مجموع ما يقدّم له من دعم وهبات من الدولة والدّاعمين.

 

ورأى أن "صندوق سكن المدرّس" يدخل في باب الإرفاق والتكافل، وليس من باب المعاوضات، مضيفا أن من تأمّل المقرّر المشترك بين وزيرة التربية ووزير المالية أدرك ذلك.

 

فتاوى عدم الجواز

وفي المقابل رأى الفقيه أحمد ولد النيني، المستشار برئاسة الجمهورية ووزير الشؤون الاسلامية الأسبق، أن الصيغة المتداولة للصندوق “غير جائزة شرعاً”.

 

 وأوضح أن اشتراط دفع المدرس للأقساط قبل تأكيد استفادته “لا يستقيم”، لأن الموظف لا يجوز أن يُلزَم بالدفع قبل حصوله على تعويض السكن. 

 

ومع أن ولد النيني أقرّ بعدم إحاطته بالموضوع، ألا أنه رأى أن مافهمه من السؤال الذي طرح عليه حول جواز المشاركة في الصندوق، من عدم ذلك، دفعه للقول بعدم جوازه.

 

وبدلا عن ذلك رأى ولد النيني أن الصيغة الشرعية الصحيحة للصندوق تتمثل في صرف المبلغ للمدرس أولاً باعتباره تعويضاً مستحقاً، على أن يبدأ الاقتطاع من راتبه لاحقاً حتى سداد كامل المبلغ.

 

وأيد د. الشيخ الزين الامام عضو المجلس الإسلامي الأعلى سابقا، ماذهب إليه ولد النيني، بعدم جواز المشاركة في الصندوق، قائلا إنه وبعد اطلاعه على المقرر المنشى للصندوق ظهر ليده أن قوله هو الحق والصواب.

 

وأضاف معللا ذلك بأن المادة ،23 من المقرر تقول بالحرف الواحد (لا يحق للمشترك الاستفادة من الدعم الا بعد ان يستوفى مبلغ اشتراكه)، مضيفا أن هذا الاشتراك المسبق ليس إلا سلفة قد تنجر عنها منفعة للمسلف أو المستسلف. 

 

وأضاف "لو قدرنا أن المسلف لا قصد له في المنفعة فإنها بلا شك قد حصلت لتراكم مبالغ المشتركين وفى ذلك زيادة فى وعاء مالي له.

 

وخلص إلى أن الصيغة المناسبة "أن تدفع الدولة مسبقا للمعلم المبلغ المذكور ثم إن شاءت تقتضيه منه على أقساط مؤجلة رفقا به وعونا له".

 

أما ان تاخذ منه مبلغا مقابل وعد مؤجل قد يموت قبله أو يستقيل أو تعترضه الشواغل فرأى الفقيه أن ذلك "من الغرر".

 

وتابع مفصلا، و"القول إنه تعاوني لا يكون إلا إذا كان بإقراض المعلم وإعانته لا الأخذ من راتبه ثم وعده ..".

 

 

وأثار الصندوق الذي أعلنت وزارة التربية أول أمس فتح باب انتساب المدرسين له، جدلا واسعا في صفوف المدرسين، بين من يرى ضرورة الانتساب إليه باعتباره حقا مكتسبا للمدرس، وبين من يرى أنه لايرقى لطموح المدرسين. 

 

 

 

 

 

 

تصفح أيضا...